سافرت كثيرا حول العالم وتنقلت ما بين تلك الدولة إلى جارتها متنقلا بالقطار أو السيارة أو الطائرة لكنني للأسف الشديد لم أركب السفينة إلا مرة واحدة في حياتي كانت في الإنتقال من الأردن إلى مصر عندما كنت مسافرا بسيارتي وكانت حادثة غرق العبارة السلام 98 حديثة فكان الخوف يعتريني بشدة والوساوس تلعب بي تارة بالموت غرقا وتارة بالضياع وسط البحر وتارة كانت أشد وهي أن يقوم السلاح الإسرائيلي بضرب السفينة وكان من المفترض أن تستمر الرحلة لأربع ساعات متواصلة لكن الخوف والوسواس جعلها أربع قرون تمضي ببطء شديد ولكسر حاجز الخوف والقلق والتوتر قررت أن أخرج من غرفتي والقيام بجولة في السفينة وعند وصولي إلى سطح السفينة وجدت الركاب مترامين هنا وهناك ولاحظت على وجوههم البؤس والشقاء فعرفت من نظراتهم أنهم كانوا يأتون إلى الخليج بحثا عن حياة أفضل ولكنهم لم يجدوا سوى التعب والشقاء والهم وبعيدا عنهم وجدت فتاة أبهرتني بجمالها البريء والشقي بنفس الوقت لم أستطع أن أتمالك نفسي بأن لا أنظر في عينيها الرائعتين ولكنني صدمت من هول ما رأيته في عينيها لقد رأيت في عينيها ما لن يصدقه إنس ولا جان ....لقد رأيت في عينيها أمرا غريبا فهي تتشمت بي !! نعم إنها تتشمت بي !! وقررت التوجه إليها لما تتشمتين بي ؟ وعندما سألتها هذا السؤال أجابت بصوت مبحوح من تعب السفر وطول الرحلة قائلة أتخاف من الموت غرقا ولم تخف أن تموت جوعا ؟؟ فرددت عليها متسرعا دون تفكير أنا في بلد العز الكويت كيف أموت جوعا ؟!!فقالت وهي تبتسم لي هل تعلم يا عزيزي أن الحركات السياسية في الكويت همها الوحيد هو التنفع والإكتساب من وراء مواقف بعضها مكشوفة وبعضها الآخر غير مكشوف ؟ فضحكت أنا من قوة السؤال ولم أجد إجابة أستطيع من خلالها كسر حدة طرحها فأكملت قائلة وهل تصدقني إن قلت لك أن الكويت ذاهبة إلى مكان غير آمن بوجود مثل هؤلاء في مركز يعتبر من مراكز قيادة الدولة وتحديد مصيرها فقلت لها توقفي السلطة التشريعية مهمة جدا ولا نستطيع الإستغناء عنها فقالت وهل السلطة التشريعية تهتم بتوزير هذا أو ذاك المشرع يهتم بسن القوانين المفيدة للشعب ويعمل دور الرقيب على السلطة التنفيذية فقلت لها ولكن مجلسنا قام بكل هذا ؟ قالت وهي تزيح عن وجهها خصلات شعرها الأسود الخالص إذكر لي متى آخر مرة قرأت أو سمعت عن مشروع قانون يفيد الشعب ولا يفيد بعض المصالح الخاصة للأعضاء أو الحركات السياسية وهنا توترت أنا وبدأ الخوف من الفشل في خسارة هذه المعركة الكلامية يزيح ستار الخوف من الموت غرقا في البحر الأحمر ولكن تذكرت أمرا مهما جدا مشروع قانون تقدم به الأعضاء رغبة في حماية الشعب وليس جزءا فقط من الشعب وهممت بالرد على هجومها بهجمة سريعة مرتدة وقلت لها عزيزتي ألم تسمعي بإقتراح بعض أعضاء مجلس الأمة إنشاء دوار على طريق كبد ؟ وهنا إنتهى الحوار بيننا فلقد رفضت هي الإعتراف بالهزيمة ...نعم لقد هزمتها في هذه الحرب الكلامية فهي لم تكن تتوقع أن مشروع إنشاء دوار على طريق كبد هو من أجل الشعب كله ولم تكن تعرف أن الحرب الآن على مشروع المصفاة الرابعة من أجل الشعب والضرب تحت الحزام على جمعيات النفع العام هي من أجل الشعب وكانت للأسف جاهلة بأمر البطاقة الذكية ...لذا قررت اللحاق بها لإقناعها بأن الأعضاء يتنافسون من أجل شعب الكويت وليس من أجل المصالح الخاصة فلحقت بها إلى الدور السفلي من السفينة ووجدتها تريد الجلوس في المقهى فقلت لها أنحتسي القهوة ونحن نتناقش حتى يصبح النقاش ممتعا فقالت أريدها سادة على روح التشكيلة النيابية الحالية التي ماتت في المهد فالصراع بين الأعضاء والتيارات السياسية أصبح صراع مكشوف دون قيمة وتافه فقلت مبتسما هل تعتقدين أنك سوف تنتصرين في هذا النقاش لا لن تنتصري فأنا أثق بأعضاء مجلسنا فقالت هيا إذن نشرب القهوة ونتكلم فقلت لها السيدات أولا إبدئي بحديثك وأدلي بما ترينه معيبا في أعضاء مجلسنا فقالت وهي تبتسم هل رأيت نائبا أو تيارا سياسيا يثبت على حال ؟ فطئطئت رأسي خجلا من الإجابة فقالت عرفت إجابتك وهذا السؤال الثاني هل رأيت برنامجا حكوميا ؟ فزاد الخجل بي ولم أستطع رفع رأسي فقالت هذا السؤال الثالث هل رأيت تحرك شعبي لتغيير بعض الوجوه التي ما تزال تضحك على ذقون الشعب ؟؟لم أستطع رفع رأسي من المخدة فقد كنت تعبا وأحتاج للنوم العميق ولكن مشاكل مجلسنا وحكومتنا أزالت كل الراحة في مضاجعنا وسمعت صوت أمي تنادي قم لقد هربت الخادمة !!!