19 أغسطس 2010

الدكتور عبدالله سهر ... أنا قلق معك

ذكر الدكتور عبدالله سهر حقائق حول معركة الجهراء في مقالة منشورة له في جريدة الوطن
تاريخ 16-8-2010 مقتبسا اياها من عدة مراجع و لعل الشكر الجزيل نوجهه إلى الدكتور سهر على ما قام به من جهود في توضيح الحقائق و تذكير الكويتيين بما حدث في السابق و تأكيدا على ما ذهب إليه الدكتور من قلق فأنا اكثر قلقا منه .


أولا : يذكر الدكتور عبدالله سهر بأن الغزو التي تعرضت له الكويت عام 1990 هو الغزو الصدامي موضحا أن هناك من يصر على التسمية الأخرى و هي الغزو العراقي
من هنا ننطلق في الرد على مقالات الدكتور لتوضيح الحقيقة .
إن كان يعتبر الغزو صداميا فقط و لا يراه عراقيا فإذن حرب الجهراء هي غزو الدويش للجهراء و ليس غزو الإخوان بما أن القائد هو فيصل الدويش لذا لا يجوز أن يأخذ جيش الإخوان أو ابناء القبائل المؤيدين له بجريرة القائد فإذن هذا الغزو لم يكن تطرف ديني كما أراد أن يوضح الكاتب بل كان طمعا شخصيا في أرض الكويت لتوسعة أراضي فيصل الدويش .
و بما أن الغزو أصبح صدامي و ليس عراقي و كأن صدام حسين هو فقط من قام بإحتلال الكويت لوحده دون أن يساعده أحد فلا بد من الإعتراف من قبل الدكتور عبدالله سهر بأن حرب الجهراء ما هي إلا غزو من قبل فيصل الدويش للكويت لأطماع في الأرض .
و لا يجوز التعميم على طرف و التخصيص على طرف آخر .

ثانيا : يذكر الدكتور عبدالله سهر في مقالته الثانية ' إن الاعتداء على الكويت حديثا كان أو سابقا يمثل اعتداء على الحكم والشعب ونمط الحياة الكويتية '
أنا اوافق الدكتور في ما ذكره و أتفق معه في ذلك بل و أطالب الدولة حكومة و شعبا بأن تتم محاسبة كل من إعتدى على الكويت سواء ممن يحمل جنسيتها أو من المقيمين على أرضها أو من الدول المجاورة و الأمثلة كثيرة و سوف أسوق بعضا منها :-
أ - السيد محمد المهري يجب محاسبه وفق المادة 23 من القانون رقم 31/1970 قانون الجزاء – جرائم أمن الدولة و تنص المادة 23 منه على ' كل من حرض علينا او في مكان عام ، او في مكان يستطيع فيه سماعه او رؤيته من كان في مكان عام ، عن طريق القول او الصياح او الكتابة او الرسم او الصور او اية وسيلة اخرى من سوائل التعبير عن الفكر ، على قلب نظام الحكم القائم في الكويت وكان التحريض متضمنا الحث على اغيير هذا النظام بالقوة او بطرق غير مشروعة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات , يحكم بنفس العقوبة على كل من دعا بالسوائل السابقة الى اعتناق مذاهب ترمي الى هدم النظم الاساسية في الكويت بطرق غير مشروعة ، او الى الانتقاض بالقوة على النظام الاجتماعي او الاقتصادي القائم في الكويت . '
و لا أحد يستطيع أن ينكر أن السيد محمد المهري قد قام بوصف الإعتداء على أمير الكويت الأسبق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله – بالعمل الوطني , و لا نعلم هل الوطنية هي الإعتداء على رموز الدولة ؟

ب - إعادة محاكمة من قاموا بتأبين الإرهابي عماد مغنية حيث أن إعادة المحاكمة تعتمد على ظهور دليل جديد هو مقابلة للزعيم الإيراني مير حسين موسوي جاء فيه ' رفع الزعيم الإيراني مير حسين موسوي النقاب عن دور المرشد خامنئي في خطف طائرة 'الجابرية' الكويتية في أبريل 1988 وكشف أنه كان ضد تلك العملية الإرهابية التي قادها 'عماد مغنية'. وقد استمرت عملية الخطف 16 يوماً، وتخلّلها إعدام مواطنين كويتيين هما عبدالله محمد حباب الخالدي وخالد اسماعيل ايوب بدر ورمي جثتيهما من الطائرة في مطار الجزائر . ' و أكمل قائلا ' فقد تم اختطاف طائرة وطلب الخاطفون السماح لهم بالهبوط في مطار مهرآباد' بطهران. ولكننا طلبنا من أصدقائنا أن يقفلوا المجال الجوي أمام الطائرة التي اتجهت، بعد ذلك، إلى 'مشهد' , إن هذا الموقف (أي السماح للطائرة بالهبوط في 'مشهد') كان موقفاً يصعب الدفاع عنه وقد تسبّب لنا بأضرار جسيمة.'
لعل هذا التصريح الذي ياتي من احد قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعتبر إعتراف صريح بدور عماد مغنية و الجمهورية الإيرانية في إختطاف الطائرة الكويتية و قتل شهيدين كويتيين .

لعل هذان المثالين سوف يقيمون حربا ألكترونية ضدي و أنني أنتهج منعطف طائفي و لكن ما ذكره الدكتور في نهاية مقالته ' ان الدرس والموعظة ستبقى وتتلخص في ان الذين سقطوا شهداء على ارض الكويت هم من جميع اطياف المجتمع، وان الذين طمعوا في الكويت واعتدوا عليها حكما وشعبا هم ملة واحدة لا يمكن ان يمثلوا لونا او دينا او اصلا او لغة، انما المشترك بينهم هو التعصب والجشع والطمع والإرهاب وتكفير وتخوين الآخرين كل ذلك لأغراضهم وأهدافهم الدنيوية ' . لذا يجب أن نستوعب الدرس و ان نقبل الموعظة دون أن يزعم أحد أن هؤلاء يجمعهم دين أو ملة او لون او اصل لان العامل المشترك بينهم هو التعصب و الإرهاب .

ثالثا : ذكر الدكتور عبدالله سهر في مقالته ' فلا عجب ان يستميت هؤلاء من اجل السيطرة على الكويت وفقا لنظرتهم التعصبية حيث كانت الكويت منارا للتعددية ومنبرا للتسامح وملجأ للتعايش بين الناس كافه ما جعلها درة الخليج دون منازع والذي بدوره قد قاد الغزاة من كافة الاطياف والجهات لمحاولة السيطرة عليها مستغلين بذلك الدين تارة والقومية تارة اخرى . '
طبعا الدكتور يقصد بهؤلاء هم الإخوان و هنا نرفض أن من باب تأكيده أن الغزو صدامي ان يقوم بنفي علاقة الإخوان بحرب الجهراء فهي حرب بين الكويت و فيصل الدويش فقط .
و من باب الطمع في الكويت فأرجو من الدكتور عبدالله سهر أن يواصل قلقه على الكويت فهي ما تزال مطمعا لدول الجوار و منها جمهوريتي العراق و إيران فالعراق ما زال يطنطن على تبعية الكويت إليه و إيران ما زالت تجند خلايا إرهابية في الكويت و ما لبثت أن أرسلت الطائرات الحربية لتغزو الاجواء الكويتية لتصل إلى منطقة الشعيبة .

رابعا : ذكر الدكتور عبدالله سهر في مقالته ' كما ان استيعاب الكويتيين لخصوصية نمط حياتهم وشعورهم بانه هو الدرع الواقي من العدوان هو الذي جعلهم اكثر اصرارا على الاسرة الحاكمة لأن تبقى كخط احمر، وفي المقابل تصر اسرة الحكم على ان يكون نمط الحياة الكويتية الديموقراطي خطا احمر لا يمكن المساس به مهما توترت او ارتخت الاحداث.وبطبيعة الحال ان هذا التفاهم والاصرار هو الذي دائما كان يقود ملاحم الكويت الى الانتصار بعكس ما تصوره الاعداء بانها لقمة سائغة نظرا لصغرها . '
نؤكد على ما جاء في هذه الجزئية حيث أن الأسرة الحاكمة خط أحمر لا نقبل المساس به و نرفض أي إعتداء على أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – حفظه الله و رعاه – كما رفضنا أي إعتداء على الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله – امير الكويت الأسبق .

خامسا : ذكر الدكتور عبدالله سهر ' إن التعصب الفكري هو من سمات الذين اعتدوا على الكويت لتسامحها، كما ان هذا التعصب ليس مقودا كما يراد ان يسوق له اصحابه بفكر ايديولوجي محض بل مخلوط بمصالح مادية تلوكها السنتهم ما دارت معايشهم.وحينما قلنا في مقالانا السابق ان للغزاة في الغزوتين اطماعاً مادية قد غلفت بمعجون فكري فذلك صحيح ولا يمكن الاحتجاج عليه من واقع محاكاة حقائق واقع الحال في كل من الحادثتين . لقد كان صدام طامعا بالكويت ورغدها وليس في ذلك سر، اما الذين ارادوا تصغير مطامع فيصل الدويش على انها مغالاة دينية فحسب فهم قد جانبوا الحقيقية اذ لم يكن فيصل الدويش متحركا بناء على اسس دينية مجردة بل أرادها مسوغات لاستعطاف المتعصبين وطالبي الجنة من ابواب الشيطان . وحتى من معه من فقهاء يبيحون له ما هو عليه من امر وفعل فان في امرهم لريب . '
لا اعلم لماذا يصر الدكتور عبدالله سهر على إعتبار غزو العراق للكويت هو عمل فردي بينما معركة الجهراء هي حرب مذهبية أو فكرية أو دينية ؟ فالقاعدة واضحة لا يجوز التعميم في حالة و التخصيص في حالة أخرى مشابهة لها . فلا يجوز فصل غزو العراق عن العراق و إلصاقه بصدام حسين فقط و حزب البعث فقط .

سادسا : يذكر الدكتور عبدالله سهر ' وعلى الرغم من ذلك فإن شيخ الكويت عبدالعزيز الرشيد في تعبيره عن تلك الحادثة يصر على وصف عالم الاخوان بالعالم «التقي» ولا يعتبر ذلك غريبا على سماحته لكونه يمثل الاعتدال الاسلامي الذي ترعرع في بيئة التسامح الكويتية . '
فعلا البيئة الكويتية متسامحة و هي تغض نظرها عن من يقوم بطعنها في ظهرها مثل ما نراه من إحترام و تقدير للسيد محمد المهري الذي يعتبر الإعتداء على موكب الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عمل وطني بطولي لذا لا أستغرب ان يعتبر الكويتيون الغزو العراقي غزو صدامي .

سابعا : يذكر الدكتور عبدالله سهر ' ان تلك الأحداث لتبرهن مرة أخرى بأن اعتداءات الاخوان الذين كان يقودهم فيصل الدويش لم تكن ضد الكويت او العراق حصرا كما لم تكن لأسباب دينية فقط ، بل كانت من اجل تطبيق اجندة واضحة تتمثل في السيطرة على الجزيرة العربية، ولما لم يستجب لهم الملك ابن سعود لذلك سعوا لتقويض سلطته والتجريح بمكانته الأمر الذي سارع في المواجهة . '

أستغرب من الدكتور الإصرار على تسميتهم الإخوان كمقدمة لإعتبار معركة الجهراء هي حرب بين الإسلام المعتدل المتسامح و التشدد الديني القادم من الصحراء و تسمية الغزو العراقي الغزو الصدامي ؟ ألم يكن هناك أجندة للعراق في التوسع و السيطرة على شبه الجزيرة العربية .

ثامنا : يذكر الدكتور عبدالله سهر ' ان المنحرفين والتكفيريين لا يختلفون كثيرا وان تباعد الزمن بينهم فشأنهم شأن الطغاة والبغاة الذين باعد الزمن بين أفعالهم لكن طبائعهم تبقى واحدة. ولم يكن يختلج في ذهني ان يتم عجن بعض المفاهيم القبلية بالمفاهيم الدينية لمحاولة تلبيس المقال اكثر مما يحتمل . '

و أنا أقول للدكتور أن لن يختلج في ذهني أبدا ان يتم عجن المفاهيم الطائفية بالمفاهيم الدينية المتسامحة لمحاولة تلبيس ردي عليك أكثر مما يحتمل . ولا أختلف معك يا دكتور بان المنحرفين كثر في بلدنا فما نراه من تعدد للمنحرفين فكريا يعتبر أبرز الادلة على ما تقول و لكن نختم ردنا بالقول اللهم لا نسالك رد القضاء و لكن نسألك اللطف فيه.